السبت، 7 فبراير 2015

كاليجولا...جنون الطاغية




كاليجولا..





امبراطور روماني وهو أشهر طاغية في التاريخ الإنساني المعروف بوحشيته وجنونه وساديته وله صلة قرابة من ناحية الام للامبراطور الأشهر نيرون الذي احرق روما
 واسم كاليجولا الحقيقي هو (جايوس)
وهوالثالث من بين ستة أشقاء ، نشا في بيت ملكي و تمت تربيته بين العسكر

، أطلق عليه اسم (كاليجولا) أي الحذاء الروماني لأنه كان يلبس حذاء

صغير من صنع والدته ، و لكنه ظل يحمل هذا الاسم حتى نهاية حياته.

في السابعة من عمره


لم يكن كاليجولا مجرد طاغية حكم روما بل كان نموذجا للشر وجنون العظمة والقسوة المجسمة في هيئة رجل أضنى الجنون عقله لدرجة اوصلته الي القيام بافعال لا يعقلها بشر أو يتصورها عقل والتي فسّرها علماء النفس علي انها نتيجة اضطرابه النفسي والذهني ولكن رغم كل الاعمال المرعبة التي قام بها إلا أنه يجب الاعتراف أنه كان عقل مريض احرقته العبقرية فقد اثبت التاريخ ان الجنون والعبقرية كثيرا ما يجتمعان فعندما نسمع عما كان يقوم به "كاليجولا "ندرك مدي هول وعبقرية تلك العقلية المريضة في ابتكار تلك الاهوال والتلذذ باستفزاز الاخرين : مثلا كان" كاليجولا" يتفنن في اغاظة الشعوب التي تحكمها روما فمثلا قام ببناء تماثيل عملاقة له في الهيكل في مدينة اورشليم ليستفز مشاعر اليهود هناك وقام بنقل بعض الاثار الفرعونية من مصر كمسلة تحتمس الثالث. تأليه الذات وجنون العظمة أما الأكثر شهرة من أفعال الطاغية فهو انه كانت استبدت به فكرة انه اله على الأرض و ملك هذا العالم باسره يفعل ما يحلو له فذات مرة ذهب يسعي في طلب القمر لا لشيء سوي انه من الاشياء التي لا يملكها. ولهذا استبد به الحزن حين عجز عن الحصول عليه وكثيرا ما كان يبكي عندما يري انه برغم كل سلطانه وقوته لا يستطيع ان يجبر الشمس علي الشروق من الغرب أو يمنع الكائنات من الموت.

ولكن لنعد الى الوراء قليلا.....


 ، توفي والده اثر عودته من إحدى الحملات

العسكرية ، ويعتقد بعض المؤرخين إن الإمبراطور طبريوس ، هو الذي قام

باغتياله لخوفه من منافسته له على العرش بسبب أصله النبيل وشعبيته

الكبيرة على مستوى الجيش والشعب، و على اثر ذلك انتقل كاليجولا

للعيش مع والدته وإخوته ، وبسبب تدهور العلاقة بين والدته وبين

الإمبراطور طبريوس أمر الإمبراطور بإعدامها ونفي احد إخوته وسجن آخر

وقتله تجويعا ، وكان ذلك في إطار انتقام الإمبراطور من عائلات الذين

اتهمهم بالتآمر على العرش والخيانة.


واثر إعدام والدته وشقيقه ، انتقل كاليجولا مع إخوته الثلاثة المتبقين

للعيش في جزيرة كابري التي أصبحت في الوقت نفسه مقرا للإمبراطور

طبريوس الذي انتقل إليها عام ٢٦ للميلاد ، وهناك تمكن من الالتحاق

بعمل في قصر الإمبراطور

، ومما يثير دهشة المؤرخين انه الإمبراطور لم

يقدم على قتله ،

 بالرغم مما فعله في عائلته، و يرجحون بان السبب في

ذلك يعود إلى براعة كاليجولا الكبيرة في التملق و التذلل ، فرغم أن

الإمبراطور قتل والديه و إخوته ، إلا إن كاليجولا كان بارعا في إخفاء مشاعر



الكره التي يكنها تجاهه والتظاهر بأنه خادم مخلص ومطيع ، حتى أن

الإمبراطور قال عنه ذات مرة : (ليس هناك خادم أفضل و لا سيد أسوء من

كاليجولا).

علاوة على ذلك فانه خلال السنوات التي قضاها في خدمة عرش

طبريوس تمكن كاليجولا من توطيد علاقاته مع كبار رجال القصر في

مقدمتهم ماركو رئيس الحرس الإمبراطوري، الذي كان من أسباب عدم إقدام

الإمبراطور على إعدامه، حيث كان يمتدح ولاءه وإخلاصه أمامه حتى يزيل

في نفسه أي دافع للأمر بإعدامه .

في العام الخامس والثلاثين للميلاد ،

 ابتسم الحض لكاليجولا فابن

الامبرطور الوحيد توفي ولم يكن له من الذرية سوى حفيد لم يبلغ الحلم،

وكان معظم رجال العائلة المالكة أما متوفيين أو قتلى، وأصبح احد

المرشحين لتولي عرش الإمبراطورية الرومانية

، وفي العام السابع والثلاثين

كان الامبرطور طبريوس أسير للمرض، ووفقا لروايات بعض المؤرخين فان

كاليجولا وبعض أتباعه عجلوا بوفاته بإرسال احد الجنود الذي قام بخنقه

بوسادة نومه.

ولكون جميليوس حفيد الإمبراطور الراحل لا يزال صغيرا فقد نودي

على كاليجولا إمبراطورا ،

وقد استقبله الشعب الروماني بالترحيب ، ووفقا

لروايات بعض المؤرخين فقد استمرت احتفالات تنصيب كاليجولا ما يناهز

الثلاث شهور ، أقيمت خلالها المهرجانات الراقصة و الصاخبة ، و نظمت

مسابقات المصارعة الرومانية التي اشتهر بها الرومان، وتمت التضحية بأكثر

من ١٦٠ ألف حيوان تقربا وشكرا للآلهة ، و قد اجمع جميع المؤرخين بان

الشهور السبع الأولى من حكم كاليجولا كانت في غاية السعادة والهدوء،

فقد قام كالجولا بتخفيض الضرائب على المواطنين الرومان ، و قام بتوزيع

الأموال على الفقراء

، و أقام المهرجانات و الاحتفالات الضخمة ليسعد

الجماهير، كما قام بإلغاء المحاكم التي أقامها الإمبراطور طبريوس للنبلاء و

التي يتم بموجبها إعدامهم ومصادرة أموالهم. إلا إن سعادة و غبطة روما

بإمبراطورها الجديد لم تدم طويلا ،

ففي أكتوبر من عام ٣٧ للميلاد ،

مرض الإمبراطور كاليجولا فجأة وسقط صريع الفراش ، و أصبحت حالته

وخيمة حتى أيقن البعض بهلاكه ، و خيم الحزن على روما بسبب مرض

إمبراطورها الحبيب ، و مع أن المؤرخين لم يذكروا طبيعة المرض ، هل هو

جسدي أم عقلي إلا إن المؤرخ فيلو ، و هو من المعاصرين لكاليغولا ، قال

بأن إفراط الإمبراطور في الاستحمام و شرب الخمر و ممارسة الجنس كان

هو السبب الرئيسي لمرضه ،

كما كان كاليجولا يعاني من الصرع منذ

طفولته ،

ولو أن كاليجولا توفي في مرضه هذا لكتبت سيرته بالذهب! ولكان

من أجمل حكام اثنيا ، إلا انه جسده تعافى من مرضه وعاد للحياة مرة

أخرى، إلا انه لم يكن ذلك الإمبراطور الذي أحبه شعبه ، فقد تغير كليا عما

كان في ديباجة عهده ، في بداية الأمر أصبح نومه قليلا بسبب معاناته من

الأحلام المزعجة والكوابيس المرعبة ، حتى طبعه الهرب من غرفته وهيامه

على وجهه داخل قصره بانتظار طلوع الشمس كل صباح، ثم انه أصبح

قاسيا وساديا، ومن هنا بدا مسلسل الدم والطغيان في حياته .


إن غلب المؤرخين يتفقوا على أن المرض الشديد الذي أصابه كان

السبب الرئيسي لهذا التحول التناقضي في سلوك كاليجولا ، حيث تسبب

له بمرض عقلي غامض جعله بهذه الوحشية التي لم تعهد منه خلال سنوات

حياته الماضية، خاصة وانه كان يعاني من مرض الصرع، إلا إن مؤرخين

آخرين يعتقدون إن المرض لم يكن السبب الوحيد، فقد عانى كاليجولا من

طفولة حزينة ، وتخللها وقوفه على الصراعات الدامية على الحكم والتنازع

الدموي على المراكز القيادية في القصر والدولة الرومانية، وعندما كان يعمل

في بلاط الإمبراطور طبريوس كان يحضر معه مهرجانات القتل والجنس

الجماعي ، ولا شك إن هذه العوامل ساهمت في ظهور شخصيته على

حقيقتها عندما تولى السلطة.



كان (كاليجولا) يخاطب سيّافه قبل الشروع في القتل: "إقتل بترّويّ.. دعه يتذّوق طعم الموت جيداً"، ثم ينظر في عين القتيل قبل تنفيذ حكم إعدامه ويتثائب قائلاً بجدية: "إن أكثر ما يُثير إعجابي- هو اللامبالاة" ! أيّ وحشية وتبلّد هذا ؟!



كما أنه فرض السرقة العلنية في روما وبالطبع كانت مقصورة عليه فقط إذ اجبر كل اشراف روما وافراد الامبراطورية الاثرياء علي حرمان ورثتهم من الميراث وكتابة وصية بان تؤول املاكهم الي خزانة روما بعد وفاتهم وبالطبع خزائن "كاليجولا" إذ انه كان يعتبر نفسه روما فكان في بعض الأحيان يامر بقتل بعض الاثرياء حسب ترتيب القائمة التي تناسب هواه الشخصي كي ينقل ارثهم سريعا اليه دون الحاجة لانتظار الامرالالهي! وكان يبرر ذلك بعبارة شهيرة جدا" اما نا فاسرق بصراحة" فكان يري انه طالما اعترف بسرقته فهذا مباح.


وأيضا اضطرابه النفسي يظهر واضحا في التلاعب بمشاعر حاشيته الذين افسدوه وجعلوه يتمادى في ظلمه وقسوته بصمتهم وجبنهم وهتافهم له في كل ما يقوم به خوفا من بطشه وطمعا في المزيد من المكاسب من وراء نفاقهم له وهذا حال كل طاغية في التاريخ لا يتجبر الا عندما يسمح له شعبه بذلك ويجبنوا عن مواجهته فذات مرة خرج علي رجاله بخدعة انه يحتضر وسيموت فبادروا بالطبع بالاعلان عن دعائهم له بالشفاء واستعدادهم للتضحية من اجله وبلغ التهور بالبعض ان اعلن رجل من رجاله" فليأخذ بوسيدون- اله البحار عند اليونانين- روحي فداء لروحه" واعلن اخر" مئه عمله ذهبية لخزانه الدولة لكي يشفي كاليجولا" وفي لحظتها خرج كاليجولا من مخبأه ينباهم ويبشرهم انه لم يمت ويجبر من اعلن وعوده المتهورة علي الوفاء بما وعد فاخذ من الثاني مئة عملة ذهبية وقتل الأول كي ينفذ وعده وكان وهو يقتله معجبا متأثرا بكل هذا الاخلاص !! وكانت عبارته التي يرددها لتبرير وتشريع القتل لنفسه " غريب اني ان لم اقتل اشعر باني وحيدا " والعبارة الاخري " لا ارتاح الا بين الموتي" ! فهاتان العباراتان تبرزان بوضوح تام ملامح الشخصية المريضة لكاليجولا والتي أبدع الكاتب العبثي المبدع الفرنسي (البير كامو) في وصفها في مسرحيته(كاليجولا) والتي قدم فيها رؤيته لحياة هذه الطاغية ببراعة وحرفية. ومن المضحكات المبكيات المذهلات في حياة كاليجولا ما قام به عندما اراد ان يشعر بقوته وان كل امور الحياة بيديه ورأى ان تاريخ حكمه يخلو من المجاعات والاوبئة وهكذا لن يتذكره الاجيال القادمة فاحدث بنفسه مجاعة في روما عندما اغلق مخازن الغلال مستمتعا بانه يستطيع ان يجعل كارثة تحل بروما ويجعلها تقف أيضا بامر منه فمكث يستلذ برؤية اهل روما يتعذبون بالجوع وهو يغلق مخازن الغلال!كذلك من من نفس المنطق المختل نفهم كلمته " سأحل انا محل الطاعون" ! حتى الاتباع لا يأمنون غدر الطغاة و قد اخذ جنون كاليجولا يزداد يوما بعد يوم والذي اسهم أكثر في تعاظم جنونه وبطشه ان الشعب كان خائفا منه وكذلك كان رجاله رغم أنهم كان بإمكانهم ان يجتمعوا ويقضون عليه لكنهم استسلموا للخوف فزاد ظلمه و ظل رجاله يؤيدونه في جبروته حتي لحقهم بدورهم فذات يوم استبدت به البارانويا عندما راي أحد رجاله يدعي "ميريا" يتناول عقارا ما فظن انه يتناول دواء مضادا للسم خوفا من أن يقوم كاليجولا بقتله وهكذا قرر كاليجولا ان يقتله لانه ظن به السوء وانه كان من الممكن ان يرغب فعلا في قتله بالسم وبهذا فهو قد حرمه من تلك المتعة ! فقتله كاليجولا رغم أن ميريا كان يتناول عقارا عاديا!! و ازداد جنون كاليجولا عن حده حتي جاءت لحظة الحادثة الشهيرة والتي ادت الي مصرعه في النهاية إذ دخل كاليجولا مجلس الشيوخ ممتطيا صهوة جواده العزيز"تانتوس" ولما ابدي أحد الاعضاء اعتراضه علي هذا السلوك قال له كاليجولا" انا لا ادري لما ابدي العضو المحترم ملاحظة علي دخول جوادي المحترم رغم أنه أكثر اهمية من العضو المحترم فيكفي انه يحملني "! وطبعا كعادة الحاشية هتفوا له وايدوا ما يقول فزاد في جنونه واصدر قرارا بتعيين جواده العزيز عضوا في مجلس الشيوخ! وطبعا هلل الاعضاء لحكمة كاليجولا في تعبير فج عن النفاق البشري وانطلق كاليجولا في عبثه الي النهاية فاعلن عن حفلة ليحتفل فيها بتعيين جواده المحترم عضوا في مجلس الشيوخ وكان لابد علي اعضاء المجلس حضور الحفل بالملابس الرسمية. ويوم الحفل فوجئ الحاضرون لان المأدبة لم يكن بها سوي التبن والشعير! فلما اندهشوا قال لهم كاليجولا انه شرف عظيم لهم ان يأكلوا في صحائف ذهبية ما ياكله حصانه وهكذا اذعن الحضور جميعا لرغبة الطاغية واكلوا التبن والشعير! الا واحدا كان يدعي" براكوس " رفض فغضب عليه كاليجولا وقال " من أنت كي ترفض ان تاكل مما ياكل جوادي واصدر قرارا لتنحيته من منصبه وتعيين حصانه بدلا منه" !! وبالطبع هلل الحاضرون بفم مليء بالقش والتبن واعلنوا تاييدهم لذلك الجنون!.



إلا أن "براكوس " قد ثار وصرخ في كاليجولا والاعضاء واعلن الثار لشرفه وصاح في اعضاء مجلس الشيوخ" الي متي يا اشراف روما نظل خاضعين لجبروت كاليجولا " وقذف حذاءه في وجه حصان كاليجولا وصرخ " يا اشراف روما افعلوا مثلي استردوا شرفكم المهان" فاستحالت المعركة بالاطباق وكل شيء وتجمع الاعضاء وأعوان كاليجولا عليه حتى قضوا عليه وقتلوا حصانه أيضا ولما وصل الخبر الي الشعب خرج مسرعا وحطم كل تماثيل كاليجولا ومعها أيضا تماثيل افراد عائلته كنيرون.

لكن الارجح انه قيل بأنه في يوم ما سخر من أحد حراسه الذين يحمون ظهره واقسموا على حمايته بتشبيه صوته بصوت المرأة واغتصب زوجة حارس اخر, وادى ذلك إلى حقد هذين الاثنين عليه ومرت الايام وحقدهما يكبر معها وفي يوم ما كان كاليجولا يسير في أحد الممرات المظلمه التي اعتاد ان يسير فيها وحيدا فأبصر في اخر الممر هذين الحارسين تسائل عن وجودهما هنا في انتظاره وعندما ابصرهما سلا سيفهما علم انهما قد عقدا العزم على قتله ووقتها لم يكن كاليجولا يحمل سلاحا فوثبا عليه وانهالوا على جسده بالطعنات المستمره وتركوه غارقا في بركه دمائه الغزيره التي لطخه الممر. وعندما انتشر خبر قتله كذب كثير من شعبه ذلك وقالوا انه قد زيف خبر وفاته وانه يتربص بالذين يبتهجون لموته ليضعهم في القائمة السوداء عنده التي تشهد بنهايتهم الشنيعه على يديه....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق